هل أدمنت الجماهير المصرية "العصا".. وباتت ترفض "الجزرة"؟

أثرت هزيمة المنتخب الوطني أمام كوستاريكا وتوديعه بطولة العالم الشباب على أرض مصر من دور الـ 16 على الجماهير المصرية التي لم تر سبيلاً سوى ان تلقي بزجاجات المياه على رأس كل من في الملعب عقب المباراة لتعبر عنما بداخلها من غضب بشكل تراه مناسب ومعتاد.

وكانت الجماهير المصرية قد عاشت أيام كثيرة تشكو سوء معاملة رجالة الأمن سواء في عملية دخول الملاعب أو حتى في أثناء متابعة المباراة من المدرجات، فعادة ما كانت تعاني الجماهير من مصادرة زجاجات المياه والطعام وكل شئ فيما عادا ملابسهم الشخصية، أضف إلى ذلك المعاملة السيئة من جنود الأمن المركزي في المدرجات فهؤلاء لا يستخدمون أفواههم للحديث مع الجماهير ويكتفون بالعصا التي ربما تكون قد زارت رأس كل مرتادي المدرجات بدون استثناء في الفترة الماضية.

وبالرغم من أن الفرصة جاءت لتلك الجماهير لتثبت في بطولة العالم للشباب إنها لا تستحق هذه المعاملة السيئة التي لا تمت لآدمية الإنسان بصلة، وإنها حقاً جماهير تعشق وتتذوق الكرة إلا أنهم أهدروها تماما بتصرفات جماعية غريبة وغير منطقية في لقاء كوستاريكا!

الجماهير ألقت بزجاجات المياه "ممتلئة" وليست فارغة كما يكتب البعض، ووجهت أشعة الليزر في وجه حارس كوستاريكا، في الوقت الذي صرخ فيه المذيع الداخلي لإستاد القاهرة يرجوهم باسم مصر وشكلها الحضاري وسمعتها بين الأمم في عيد انتصارات أكتوبر العظيم!

يأتي ذلك في الوقت الذي استقبلت فيه الجماهير شباب من الجنسين يقومون بتنظيمهم وخدمتهم وتوجيههم بابتسامة بشوشة ومعاملة حسنة في كل المدرجات، ورحمهم القدر من هؤلاء الذين لا يعرفون سوى كلمات من نوعية "دي أوامر يا بيه لازم تنفذها"!

وتباينت نظرات وردود أفعال مسئولو الفيفا بعد اللقاء فمنهم من رأى أن هذا التصرف فردي وظلوا على موقفهم بأن مصر نجحت تماما في تنظيم البطولة، ومنهم من رأى أن هذا التصرف من شانه أن يضر بمصر بشكل أو بآخر خلال الفترة القادمة.

حرق اللاعبين

لا شك ان الحالة الفنية للاعبي مصر للشباب ومعهم الجهاز الفني للفريق بقيادة سوكوب كانت سيئة للغاية بكل المقاييس حتى في مباراتي ترينداد وإيطاليا بشكل عام دون التوغل في تفاصيل فنية، ولكن لابد ان نتفق جميعاً ان في مثل هذه المراحل العمرية لابد ان يكون التقييم ليس على النتائج ولكن على المضمون بمعنى يجب التأمل هل ستستفيد الكرة المصرية من هؤلاء اللاعبين مستقبلا ام لا فمعظم المنتخبات العالمية لا تولي لبطولات الشباب أي أهتمام من حيث حصد البطولة من عدمها ولكن تنظر دائما لما سوف يقدموه هؤلاء الشباب مستقبلا وهو الأهم.

وما حدث من الجماهير في لقاء الثلاثاء وبعد الخروج من البطولة من شأنه ان يقضي تماما على معظم هؤلاء الشباب وهو ما قاله لي محمد مجدي لاعب بتروجيت ومنتخب الشباب حرفياً بعد تصرفات الجماهير في لقاء كوستاريكا.

الجماهير المصرية يجب أن تعي ان القادم هو الأهم وان النظرة بشكل سطحي وضيق لهؤلاء اللاعبين هي نظرة خاطئة لان الاستفادة منهم مستقبلاً ربما تكون أفضل بكثير من الاستفادة منهم حالياً فقط، حتى ولو كانوا وصلوا للمباراة النهاية في البطولة.

في الوقت ذاته، لابد ان يعامل هؤلاء اللاعبين بشكل متوازن فهم مازالوا يخطون أولى خطواتهم نحو النجومية ولم يصلوا لها بعد، فلا يجوز ان تنادي جماهير الأهلي بالدفع على سبيل المثال بعفروتو بدعوى انه مفيد أكثر من أحمد حسن، أو تهتف جماهير الزمالك لبوجي للسيطرة على خط هجوم الفريق بدلاً من الثنائي ميدو وزكي، هؤلاء يحتجون لفرصة ولكن "فرصة منطقية".

لقاء الجزائر وتأهب الفيفا

بعد الأحداث الأخيرة من الجماهير المصرية على مرئى ومسمع مسئولي الفيفا بات لقاء المنتخب المصر أمام نظيره الجزائري في شهر نوفمبر القادم في الجولة الختامية بتصفيات كأس العالم 2010 محك خطير للكرة المصرية خاصة وان الجماهير من الأساس متحفزة لتلك الزيارة من الجزائريين.

لابد ان تقوم وسائل الإعلام المختلفة عقب لقاء زامبيا يوم السبت مباشرة بحملة لتوعية الجماهير من تبعات فعل أي شغب أو تصرفات غير مسئولة في لقاء الجزائر على الكرة المصرية بشكل عام.

جماهير مصر تستحق ان تعامل بشكل أدمي داخل المدرجات ولا تستحق غير ذلك، ولكن في المقابل لابد ان تجبر تلك الجماهير المسئولين على ذلك ولا تضطرهم لفعل العكس، فمشكلتنا إننا ننظر دائماً إلى نواقص الأخريين ولا نبحث في أنفسنا وتلك هي "المعضلة"!